أسرار وحكايات الأطفال الأذكياء!
تحقيق: نجاح إبراهيم منصور
هل هناك أطفال يولدون أذكياء وآخرون يولدون أغبياء؟ وكيف يمكن اكتشاف الطفل الذكي من الطفل الغبي في مرحلة الطفولة المبكرة؟ وهل يمكن أن نحول الطفل الغبي إلى طفل ذكي؟ وهل الوراثة أم البيئة التي تتحكم في ذكاء الطفل ومستقبله؟ وهل.. وهل؟ أسئلة كثيرة تفرض نفسها على الأسرة التي لديها أطفال في عمر الزهور.
وتواتر الأسئلة وكثرتها نابع من قلة الدراسات التي تناولت مثل هذه القضايا الاجتماعية والتربوية!
الحقيقة أنه كانت هناك بعض الدراسات التي أكدت على أن أصل الذكاء الإنساني يكمن فيما يقوم به الطفل من أنشطة حسية حركية خلال المرحلة المبكرة من عمره بما يعني ضرورة استثارة حواسه الخمس (السمع– البصر– اللمس– الشم –التذوق)، إضافة لضرورة ممارسة الأنشطة الحركية، ولعل هذا يتفق مع ما قاله رسولنا الكريم “صلى الله عليه وسلم” : «عرامة الصبي في صغره، زيادة في عقله في كبره».
والذكاء الإنساني ومهارات التفكير أمور يمكن تعلمها وتطويرها وللبيئة دور مهم في تعديل البناء التشريحي للمخ. والسنوات الأولى من حياة الطفل لها أثر بالغ، حيث تتفاعل العوامل الوراثية مع العوامل البيئية لتحدد كفاءة عمل الدماغ.
والقاعدة الأساسية لخلية الدماغ هي الاستخدام أو الموت. وكلما زادت شبكات الاتصال وكثافة الغصون في المخ زادت كفاءة عمل المخ، وتزيد هذه الكثافة تبعًا للخبرات البيئية وظروف الاستثارة التي يتعرض لها الطفل عبر حواسه.
والأمن ينشط العقل ويحجمه التوتر؛ ولذا تتضح أهمية الدعم المعنوي للطفل بالتشجيع والحب، واقرأ بهذا المقال مزيدًا من التفاصيل عن هذا الأمر:
– خرافة المخ الصغير
– الذكاء الوجداني.. نظرية قديمة حديثة:
تؤكد نظريات الذكاء الحديثة على تعدد الذكاء وأهمها نظرية الذكاء المتعددة «لهاورد جاردنر»، أيْ أن الذكاء ليس أحاديًّا، والفرق بين الأفراد ليس في درجة أو مقدار ما يملكون من ذكاء وإنما في نوعية الذكاء.
ويمكن تنمية الذكاء من خلال وسائط بيئية، وأنواع الذكاء هي: الذكاء اللغوي – الذكاء الموسيقي – الذكاء المنطقي الرياضي – الذكاء المكاني – الذكاء الجسمي الحركي – الذكاء الشخصي – الذكاء الاجتماعي.
وقد لا تتساوى لدى الفرد كل هذه الأنواع، إلا أنه بالإمكان تقوية نقاط الضعف من خلال التدريب.
– فإذا ما كنت قد لاحظت مهارة في الألعاب الذهنية فقد يعني هذا أن لدى هذا الشخص علوًّا في الذكاء المنطقي الرياضي، ولكن بجانب رعاية هذا النوع من الذكاء عليك بعدم إغفال الأنواع الأخرى.
هذا، وقد قدّم العلماء دراسات كثيرة عن السلوك الذكي، وشملت عمليات وجدانية ومعرفية، وهي: المثابرة. مقاومة الاندفاع. الاستماع بتفهم وتعاطف. التساؤل. مرونة التفكير. التفكير في التفكير. السعي نحو الدقة. الاستفادة من الخبرات. التعبير بدقة ووضوح التفكير. استخدام الحواس. الإبداع والخيال. الحماس والمبادأة. المرح. المخاطرة المحسوبة. التفكير مع الآخرين.
– تنمية ذكاء الطفل جزء من التنشئة الشاملة المتكاملة للطفل، وتتم عبر مراحل حياته، وإن كانت أكثر أثرًا وتركيزًا في الطفولة المبكرة.
كيف تنمي ذكاء طفلك؟
– توفير بيئة هادئة آمنة لينمو فيها.
– الاهتمام بالذكاء في إطار منظومة، وأعني بذلك عدم إغفال نواحي النمو الأخرى، لأنها لدى الطفل تتشابك وتصب في قناة واحدة وهي قناة الأداء المتميز.
– ضع نصب عينيك إمتاع ابنك ومرحه؛ لأن هذه هي بوابة التعلم الحقيقية، فالاستمتاع بما يقوم به الطفل في كل لحظات حياته يحمل في طياته تعلمًا وتنمية.
– يعتبر اللعب من أهم مجالات النمو للطفل، فاللعبة المركبة تمثل أمرًا مثيرًا للتفكير. ويرى بعض علماء النفس ضرورة تعليم الأطفال للعبة الشطرنج وممارستهم إياها منذ سن مبكرة. فهذه تعوده على التركيز والانتباه، والقدرة على الاستدلال وإيجاد البدائل الافتراضية، ولكن حسب قدراته وميوله، فهذا هو المحك الأساسي لأي جديد تقدمه لطفلك، رغبته وقدرته.
– أفسح له مجال اللعب التخيلي، وشاركه ذلك إن رغب أو دعه يمارس لعبة التخيل مع رفقاء خياله بمفرده، فمن يتمتع باللعب التخيلي يصبح لديه درجة عالية من الذكاء، والقدرة اللغوية، وحسن التوافق الاجتماعي.
والقدرة اللغوية إنما تأتيه من استخدام مفردات كثيرة خلال هذا النوع من اللعب، أما التوافق الاجتماعي فلأنه خلال لعبه يضع مواقف من صنعه، ويضع لها حلولًا كثيرة وبدائل، وهو ما يؤهله للتعامل الأكفأ في حيِّز الواقع.
– واللغة تساعد الطفل كثيرًا؛ ولذا حاول تنميتها عن طريق الحديث الكثير مع طفلك، الكتب المصورة، المشاهدات اليومية لمفردات كثيرة على أن تحكي لابنك ما يرى وكيف يعمل.
كذلك حفظ القرآن الكريم على قدر طاقته، حفظ أغاني الأطفال، قراءة القصص، وحكي الحكايات.
وكذلك الاستماع للأناشيد الإسلامية الملحّنة ينمي لديه الذكاء المنطقي الرياضي.
– إشباع حب الاستطلاع لديه بالإجابة عن جميع تساؤلاته، بل وتحفيزه على التساؤل وعدم إعطائه إجابات ذات نهاية مغلقة، بل إجابة تحفز لمزيد من التساؤل، كذلك عوده التفكير في كل صغيرة وكبيرة.
– دربه على الملاحظة والانتباه للتفاصيل.
– وفّر له الألوان والورق والصلصال وغيره مما تحتاجه الأنشطة الفنية، فهذه الأنشطة يرافقها مرح وشعور بالإنجاز، وهو ما يزيد من كفاءة الدماغ وقدرته على التفسير والتحليل والتنظيم؛ فبالخطوط والألوان يمكن أن نصنع طفلا ذكيًّا وفنانًا.
والخلاصة أن الذكاء في هذه السن يعتمد على الحواس والحركة.
وإليك بعض التدريبات الخاصة بكل حاسة:
* السمع: بتعريض الطفل لأصوات مختلفة وتمييزه لها (الحيوانات – الماء – الأرز والبقول في علبة – تحديد اتجاه الصوت – تقليد الأصوات المختلفة – أداء تعبيرات صوتية مختلفة كالفرح – الخوف – تمييز أصوات معينة وغيره من الألعاب التي تحفز حاسة السمع).
* البصر وينشط لدى الطفل عبر الألوان والضوء.
فعرّض طفلك للوحات الفنية الطبيعية، واجعله يميز تعدد الألوان والدرجات للون الواحد -اعرض عليه صورًا للأشياء- ساعده ليتعرف الاتفاق والاختلاف بين الصور وبين الأشياء.
* الشم: وفِّر لطفلك فرصة شم الأشياء المختلفة (في المطبخ، في الحديقة…).
* اللمس: دعه يميز بين الملموسات (الناعم – الخشن)، (ساخن – بارد)، يتعرف على الملامس المختلفة لكل ما يمر به من أشياء.
* التذوق: ساعده ليتذوق الأشياء المختلفة (ملح – سكر).
– أما في المجال الحركي فهناك الألعاب الارتجالية وفق الصوت، أو الحركة المقيدة كأن ينتشر في الفراغ عند سماعه صوتًا معينًا أو رجوعه عند توقف الصوت، وهناك حركة عند إشارة لونية أو ضوئية، وهكذا…
استخدام حركة الجسم في التعلم (فوق – تحت – يمين – شمال – قريبًا من – بعيدًا عن – أمام – خلف).
– أداء بعض الحركات الرياضية البسيطة بمرافقتك أثناء أدائك تمريناتك المعتادة.
كيف يمكن اكتشاف الطفل الذكي من الطفل الغبي في مرحلة الطفولة المبكرة؟
______________
المصدر : مجلة الوعي الإسلامي