الأثنين 25 نوفمبر 2024 / 23-جمادى الأولى-1446

آثار ونتائج الإنفعالات



إنّ السيطرة على الإنفعالات وضبطها وتربيتها ضرورة ومطلب للحياة السويّة والصحّة النفسيّة لأي أحد من بني البشر.. فالإنفعالات طاقة نفسية تؤثر في جميع أنشطة الإنسان، ويبرز ذلك فيما يلي:

الإنفعال يؤثر في السلوك: حيث يعتبر الإنفعال من أهمّ الدوافع الشعورية.. فحالات الخوف أو الغضب أو الحسد أو الفرح أو المحبة هي في حقيقتها حالات من التوتر النفسي القوي أو الضعيف الذي يدفع صاحبه إلى سلوك يضمن له إشباع ذلك الدافع لتخفيف شدة ذلك التوتر وتنفيس طاقته.

الإنفعال يؤثر في التفكير: الإنفعال هو طاقة مخزونة تندفع في توتر نحو إشباع عاجل تناله، وهذه الطاقة هوجاء لا تريد إلا التحرك والإشباع العاجل وبأقصر طريق، ولهذا الإندفاع الأعمى الأهوج أثره البعيد في سلامة التفكير ومستواه، وكلما كان الإنفعال أكثر هيجاناً كان مستوى التفكير أكثر بدائية وضعفاً.

الإنفعال يؤثر في الصحّة النفسيّة: إنّ كثيراً من الأمراض النفسيّة مصدرها إنفعالات أصابها أحد عاملين مهمّين: أوّلها أنها انفعالات متطرفة أرهقت أعصاب صاحبها، وثانيها محاولة الكبت الصارم للإنفعالات الصحّية الفطرية والسعي لقمعها والذي يقود إلى تحويل هذه الإنفعالات إلى هم وغم واكتئاب وتشاؤم وانطواء وقد ينتهي ذلك إلى نقمة على النفس.

الإنفعال يؤثر في بعض الأمراض الجسمية: هناك حقيقة إحصائية تقول: “أنّ غير قليل من الذين يترددون على المصحات والعيادات والمستشفيات لا يعانون من أمراض جسمية واضحة، رغم أعراضها البدنية والعضوية”. وهناك حقيقة أخرى تؤكِّد على أنّ بعض الأمراض الجسدية ذات أصل إنفعالي، فبعض أسباب القرح المعدية والمعوية تعود إلى اضطراب الحياة المزمنة.

إنّ الإنفعالات تتصل بحياة الفرد اتصالاً مباشراً ولها أهميّة ودور كبير فيها.. فالإنفعالات عندما تكون في حالاتها الطبيعية المتزنة تستثير وتدفع الإنسان إلى العمل ومواصلته، وتعطي السلوك قوة وزخماً، كما أنها تساعده في تنظيم خبراته وتساعده في زيادة خصوبة خياله وتنشيط تفكيره، وتشكيل إدراكه لذاته وللآخرين. والإنفعالات تساعد على تحديد وتوجيه السلوك الذي يسهم في استمرارية الإنسان في الحياة، ومن مميزاتها أنها تنمو وأنها قابلة للتطوير والتعديل والتغيير من خلال التعليم والتدريب وعلى المعلم المربي في حلقات تحفيظ القرآن الكريم استغلال الحلقة في إكساب المتعلمين مهارات تساعدهم في السيطرة على انفعالاتهم وضبطها ليجنوا ثمارها وآثارها الطيبة في تفكيرهم وسلوكهم وحياتهم.

–        صور الإنفعالات:

1-    إنفعال الحب: لإنفعال الحب دور بارز في حياة الإنسان، ومن صوره ما يلي: حبّ الله تعالى ورسوله الكريم وأهل بيته (ع)، ذروة الحب وأكثره صفاء ونقاء فهو الرباط الوثيق الذي يربط الإنسان بربّه، وهو الأساس الذي يبني عليه صرح شخصيته ويسمو بأخلاقها ويقوِّم ما يصدر عنها من سلوك.

2-    إنفعال الفرح: الفرح من الإنفعالات الإنسانية الفطرية التي لابدّ أن تنتاب كل أحد في فترة من فترات حياته بأيامها وساعاتها.. فالفرح أمر نسبي يتوقف على أهداف الإنسان في الحياة.

3-    إنفعال الحياء: الحياء: إنفعال مركب فيه عناصر من الخجل والخوف، وهو يعتري الإنسان إذا خاف أن يرى الناس فيه ما يمكن أن يعاب أو يذم، وهو من السمات الإنسانية، لأنه يدفع الإنسان إلى تجنُّب الأفعال القبيحة المعيبة.

4-    إنفعال الزهو والعجب والكبر: الزهو هو الإعجاب بالنفس والتعاظم والكبرياء، والعجب ظن كاذب بالنفس بإستحقاق مرتبة غير مستحقة لها وحقيقة على مَن عرف نفسه أن يعرف كثرة العيوب والنقائص التي تعتريها، فإنّ الفضل مقسوم بين البشر لا يكمل الواحد منهم إلا بفضائل غيره، وكل مَن كانت فضيلته عند غيره فواجب عليه أن لا يحب نفسه. والكبر: إنفعال ناتج عن غريزة حب السيطرة.

5-    إنفعال الخوف: الخوف اضطراب القلب وحركته مع تذكُّر المخوف، والخوف قوة العلم بمجاري الأحكام وقيل هو هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره، والخوف “انفعال يحدث في النفس لتوقع ما يرد من المكروه أو يفوت من المحبوب، وهو نوعان خوف من الله عزّوجل ومظهره طاعة الله سبحانه والخشية له والحذر من مخالفته، والثاني خوف من سواه ومظهره الترقب والإنتظار لحلول مكروه”.

6-    إنفعال الغضب: عرف ابن مسكويه الغضب بأنّه حركة النفس، يحدث لها غليان دم القلب شهوة الإنتقام، الغضب إنفعال تفرضه الطبيعة السوية للإنسان، إذ يساعده على المواجهة إذا ما اعتدي عليه والدفاع عن نفسه أو عن عقيدته أو وطنه فيتهيأ لعملية الدفاع أو درء الخطر.

7-    إنفعال الغيرة: إنفعال الغيرة إنفعال مركب من حب التملُّك، وشعور بالغضب لأن عائقاً ما وقف دون تحقيق غاية مهمة، ولا يعترف الفرد عادة بالغيرة، وسبب هذا ما تتضمنه من الشعور الناتج من الإخفاق، بل كثيراً ما تكبت الغيرة لأنّ النفس الشعورية لا تقبل ألم الخيبة ولا شعور النقص، وغالباً ما تكون الغيرة مصحوبة بالكره والحقد والرغبة في إيذاء الشخص الذي يثير الغيرة.. ونظراً لتعقد الغيرة، نجد أنّ مظاهرها تتعدد وتختلف.

8-    إنفعال الحسد: حسده تمنى أن تتحول إليه نعمته وفضيلته، أو يسلبهما، والحسد إنفعال يشعر فيه الإنسان بكراهية رؤية غيره أفضل منه في نعمة ما، ولذلك فهو يتمنى الحصول عليها، مع تمني زوالها عن الغير، والحسد مذموم ومنهي عنه شرعاً.

9-    إنفعال الكره: الكره مضاد للحب وهو عبارة عن شعور بعدم الإستحسان، وعدم التقبُّل، أو الشعور بالنفور والإشمئزاز، وبرغبة في الإبتعاد عن الموضوعات التي تثير هذا الشعور، سواء أكانت أشخاصاً أو أشياءً أو أفعالا.

10-                      إنفعال الحزن: الحزن إنفعال مضاد للفرح والسرور، وهو يحدث إذا فقد الإنسان شخصاً عزيزاً أو شيئاً ذا قيمة كبيرة، أو حلت به كارثة، أو فشل في تحقيق أمر مهم، ولذلك ينفر الإنسان منه ولا يحبّه.►

 

المصدر: كتاب كي تحيا/ دروس في فن التواصل وإدارة الذات

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم