.بقلم : بدور بنت عبدالعزيز بن محمد الزير
يحتاج الآباء أحيانا إلى الراحة من مراقبة أطفالهم لأداء مهامهم، مثل تحضير الطعام، وغسيل الملابس، أو تفقد البريد الإلكتروني. وهنا يصبح التلفاز أفضل اختراع، يتسمر أمام سحره الأطفال والرضع ليعلمهم -أحيانا- شيئا مفيدا. ولكن ينبغي إعادة النظر في هذا الموضوع خاصة بعد البيان الذي أصدرته الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (American Academy of Pediatrics) الذي حذرت فيه من تعرض الأطفال للتلفاز قبل سن الثانية، فلن يقدم التلفاز للطفل أي فائدة في تلك السن بل سيعيق تطوره اللغوي وسيسهم في تشتت انتباهه.
علقت آري براون، طبيبة الأطفال في أوستن بولاية تكساس على هذا الموضوع قائلة: «التلفاز موجود في كل مكان» وحتى نكون واقعيين لا يمكننا عزل الطفل عنه تماما. وتوضح بعض الدراسات التي أجريت على هذا الموضوع بأن بعض البرامج التعليمية «كالمستكشفة دورا» «ورموز بلو» مناسبة جدا للأطفال فوق سن الثانية؛ لأنها تثري حصيلتهم اللغوية، لكن وفقا لما قالته الطبيبة براون: «هذا الأمر لا ينطبق على من هم دون الثانية».
بعد إجراء دراستين على الأطفال دون سن الثانية اتضح أن البرامج التعليمية كبرنامج «شارع السمسم» قد يؤثر سلبا على نموهم اللغوي، بينما تشير دراستان أخريان إلى أن مشاهدة التلفاز أحيانا قد لا تنفع لكنها أيضا لا تضر. لو أردنا أن نعرف مدى تأثير مشاهدة التلفاز على من هم دون الثانية في حال كانت مشاهدتهم مؤقتة ولا تتجاوز الساعة في اليوم فإن الطبيبة ماري ايفانز شميدت- وهي طبيبة نفسية في مركز الإعلام وصحة الطفل بمستشفى بوسطن للأطفال (Center on Media and Child Health at Children›s Hospital Boston). تعلق على ذلك: «لسنا متأكدين تماما!»، وتضيف أن التلفاز لا يقدم فائدة تذكر.
تعيق مشاهدة التلفاز لساعات طويلة نمو الطفل الذهني، وهي مشكلة كبيرة يعاني منها 39% من العائلات الأمريكية التي تترك أطفالها الرضع أمام التلفاز أثناء بقائهم في المنزل. كما أجرت تايلند دراسة على 110 أطفال، وكانت النتيجة تأخر النمو اللغوي لدى 56 منهم بسبب تعرضهم للتلفاز منذ عامهم الأول، أما الذين تجاوزت فترة مشاهدتهم للتلفاز الساعتين فقد تفاقمت مشكلتهم اللغوية ستة أضعاف غيرهم من الأطفال. كما نشرت مجلة طب الأطفال عام 2004م دراسة أخرى قام بها باحثون من جامعة واشنطن بسياتل على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة وثلاث سنوات، ووجدوا أن طول فترات مشاهدتهم للتلفاز تسهم في تشتت انتباههم عند بلوغهم السابعة.
تعترف الطبيبة براون أن التلفاز نفسه ليس السبب في مشكلات النمو الذهني واللغوي، فكثرة مشاهدة التلفاز ببساطة دليل على سوء العلاقات الأسرية، تقول الطبيبة براون: «الربط لا يعني صحة التعليل، لذا لا يمكننا الجزم بأن استخدام التلفاز هو السبب في تأخير نمو مهارات الطفل اللغوية، فحين يغلق الآباء التلفاز سيكون هناك وقت يقضونه مع أطفالهم.» ربما يكون هناك سبب آخر يسهم في المشكلة.
حث الأطفال على اللعب مع بعضهم أفضل من تركهم أمام التلفاز وهذا أمر لا جدال فيه. لاحظ باحثو جامعة واشنطن تطور النمو اللغوي لدى الأطفال عندما أعطوهم ألعاب المكعبات ليلعبوا بها في المنزل على مدى ستة شهور، ولم يظهر بالمقابل نمو مماثل على الفئة التي لم تلعب بالمكعبات.
اللعب بالمكعبات نشاط يؤديه الأطفال بمفردهم، وعندها يجد الآباء وقتا لأنفسهم والاستمتاع بقسط من الراحة، تقول الطبيبة ماري شميدت: «دع طفلك يشعر بالملل فهذه هي الطريقة التي تجعله يستكشف ويتعلم كيف يسلي نفسه، فهو يفتح لنفسه المجال للتفكير بحرية».
المصدر : مركز واعي للإستشارات الاجتماعية .