لسعادتكما.. حددا نقاط الإختلاف بينكما
أ.سناء ثابت.
الأشياء الصغيرة التي تجعل من زوجك شخصاً مختلفاً عنك وعن الآخرين، قد تتحول بعد الزواج إلى مصدر للعديد من المشاكل، لكنها أيضاً قد تكون مصدر سعادة. قد يكون تقبُّل الاختلاف أمراً صعباً، لكن عليك أن تعرفي أن لا غنى لك عنه إن أردت النجاح في حياتك الزوجية.
تَقبُّل الأشياء التي يختلف فيها زوجك عنك ميزة ذهبية لا تُقدّر بثمن، إن امتلكتها امتلكت مفتاحاً من مفاتيح سعادتك الزوجية. فتقبل هذه الاختلافات لا يحمي العلاقة الزوجية فقط، بل إنه يغنيها ويطورها.
– صعب.. لماذا؟
“أحياناً تكون الاختلافات، التي تُفرّق بين الزوجين، هي الأساس الذي بدأت منه قصة حبهما”.
تقول المحللة النفسية صوفي كادالين، وتضيف: “الأشياء التي يختلف فيها الرجل والتي تميّزه عن الآخرين، هي التي تجعل المرأة تنجذب إليه في بداية قصة حبهما، لأنّها هي الأشياء التي تجعله فريداً من نوعه، ألا نقول مثلاً “أحبّه لأنّه مثل غيره من الرجال”؟
لكن ما إن تمرّ الفترة الأولى من الزواج، فترة الحماس المتقد، والمشاعر الصاخبة التي تغطي كل ما حولها، حتى ينقلب مفعول الاختلافات إلى العكس، وتتحول تلك الخاصيات التي جعلت كلاً من الزوجين ينجذب إلى الآخر، إلى أشياء تجعله لا يحتمل. لكن، لماذا؟
حسب المحللة النفسية، الجواب هو “لأن كلاً منّا يقول لنفسه:” إذا كنت سأبني مع شريكي أو شريكتي شيئاً صلباً ومتيناً في هذه الحياة، فعلينا أوّلاً أن نكون متفقين على كل شيء”، وهذا ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً.
– الصورة الأبويّة:
“يبحث المرء أحياناً، عن وعي أو عن لا وعي، عن شريك الحياة الذي يشبه الوالدين أو أحدهما، أو ذلك الذي يختلف تماماً عن الوالدين (يختلف ذلك بحسب العلاقة مع الوالدين جيِّدةً كانت أم سيِّئة. لكن في كلتا الحالتين، الأمر سيّان). ويمكن أن يصاب الشخص بالإحباط، عندما يكتشف أنّ الأمر ليس كما يعتقد وأنّ الشريك المختار يختلف عما كان يتوقعه”.
هكذا يشرح المحلل النفسي صامويل لوباسيتي، الأمر في علاقته مع الصورة التي يحملها كل منا لوالديه. وتضاف إلى هذه الصورة الأبوية، صورة الشريك المثالي، أو فارس الأحلام الذي تكون الفتاة قد رسمت ملامح شخصيته في خيالها قبل أن تقابله، والذي قد تكشف اختلافات الحياة الزوجية، أنّه لا يتطابق مع صورة فارس الأحلام المثالي
“اكتشاف اختلافات الزوج الحقيقي عن الزوجة، تعني الاعتراف بأنه لا يُطابق صورة فارس الأحلام، الذي كان في خيال الزوجة، والنتيجة أن بعض الزوجات يعشن خيبة الأمل هذه، على أنها نهاية الحب، والحقيقة أنها ليست بالضرورة كذلك”.
– وجه الأهمية:
“يُولَد الحُب عندما يعترف كل واحد من الزوجين باختلافات الطرف الآخر عنه في الآراء، في الأذواق والميول أو غيرها، حينها يمكن القول إنّ فلاناً يحب فلانة لما هي عليه فعلاً، أو فلانة تحب فلاناً لحقيقته وليس لما يدّعيه، أي تحبه بعيوبه” هذا ما يوضح صامويل لوباستي. وهذا ما يُسمّيه المتخصصون “الحب الناضج”.
عندما يترك الزوجان وهم تكوين الزوجين المثاليين، جينها فقط يصبحان جاهزين ليكونا زوجين فريدين لا يشبهان أحداً، وهذا يحدث طبعاً بفضل الإصابة النوعية التي تحملها لهما الفروق، التي تُميّز كلاً منهما عن الآخر. قال عالم النفس جانغ: “شعلة الحياة تتقد نتيجة احتكاك الأضداد ببعضها بعضاً”.
– تقبل الاختلاف:
تَقبُّل الاختلاف يعني أيضاً احترام استقلالية الطرف الآخر، وهو أمر مهم للإفلات من الشعور بالاختناق الذي قد يسبّبه الزواج.
وهنا، تسوق لنا صوفي كادالين في كتابها “كيف يخترع الزوجان حياتهما الزوجية”، حالة السيدة فلورانس، التي تبلغ من العمر 35 عاماً، حيث تقول هذه الأخيرة “في بداية زواجي أنا وسباستيان، كنت أتضايق كثيراً من شغفه الكبير برياضة الركبي، كان يخصص كل أيام السبت للتدريب، ولم أكن أتفهّم ذلك. بالنسبة إليّ كان ذلك يعني أنّه يفعله لكي يهرب من قضاء نهاية الأسبوع معي. بقي الأمر كذلك، إلى أن قررت ذات سبت أن أذهب معه إلى الملعب، وعندما ذهبت ورأيت كيف يكون سعيداً مع أصدقائه، وكيف يمرح ويقضي وقتاً ممتعاً، وكيف أنّه كان منزعجاً قليلاً لأني موجودة هناك، على الرغم من أنه لم يقل لي ذلك بلسانه، أدركت أنني مخطئة وأنني أخنقه عندما أتضايق من تخصيصه يوم السبت لرياضته المفضّلة، أدركت أن تلك اللحظات هي لحظاته الخاصة التي يقضيها مع نفسه، وليس لحظاتنا المشتركة”.
منذ ذلك الوقت، قررت فلورانس أن تلتحق بناد للمسرح، وأصبحت تستغل فرصة ذهاب زوجها إلى رياضة الركبي، لكي تذهب هي أيضاً إلى نادي المسرح لكي تمارس هواية تحبها، ولكي تترك زوجها يستمتع قليلاً بوقته بعيداً عنها.
– كيف ذلك؟
معرفة النّقاط التي يختلف فيها الزوج عن الزوجة أمرٌ مفيد، وقد يكون وضع لائحة بهذه الأشياء أمراً مفيداً. مثلاً، “هو يحب السهر إلى وقت متأخر من الليل، وأنا أحب الإجازة على الجبل”. معرفة هذه الأشياء تجعلك ترين زوجك كما هو في الحقيقة وليس كما تخيلته أو كما أردته. وهذه المعرفة الجيِّدة والصحيحة بالآخر، تُساعد الزوجين على حل مشاكلهما وخلافاتها الزوجية بطريقة أسهل بكثير.
– حددي مزاياه:
تقول الأخصائية صوفي كادالين “لكي يدوم الزواج ويكون متيناً، ليس عليك فقط أن تتقبّلي كون زوجك مختلفاً عنك في أشياء عديدة، بل عليك أن تحبي اختلافه عنك، لأن هذه الاختلافات والتباينات تُبقي شعلة الحب متقدة”.
يجب أيضاً أن تعرفي ما النقاط التي يمكن لزوجك أن يتنازل فيها، وما تلك التي يمكنك أنت أن تتنازلي فيها، إذ لا يجوز أن يتنازل طرف واحد عن ميوله طوال الوقت لكي يرضي الطرف الآخر.
يجب أن تُطوّري مع الوقت أنت وزوجك أدواتكما الخاصة، التي يمكنكما بها أن تُنَسّقا مع بعضكما بعضاً، وبدل أن تكون نقاط الاختلاف بينكما سبباً للتضاد والخصام أو الشجار، اجعلاها سبباً للتكامُل والانسجام. وانتبهي إذا ما توصلتما إلى اتفاق، فاعلمي أنه ليس ثابتاً يجب الالتزام به حرفياً إلى الأبد، بل إنّ في إمكانكما أن تُطورا الاتفاق الذي توصلتما إليه بين الفينة والأخرى، حسب تغيّر ظروفكما.
اكتشافك أنّ الآخر مختلف، رغم كل الوقت الذي أمضيته معه، قد يجعلك تخافين من أن يتغير أكثر في المستقبل، بحيث يتوقف عن حبك، لكن لا تخافي، هناك حَلّ.
إذ عليك أن تنصتي، وأن تفتحي عينيك، وأن تتقبّلي المفاجآت، وأن تستمتعي بالجديد، تَقبّلي الآخر كما هو، وتقبّلي أن يحتفظ لنفسه ببعض الغموض، لأن رغبتك الدائمة في اكتشاف الآخر وكشف غموضه، أمر جميل يحافظ على نار الحب مشتعلة.