يمارس بعض الأطفال في مراحل العمر المختلفة بعض العادات السيئة التي يعود السبب في أكثرها إلى محاولة الطفل التخلص من التوتر والوحدة, ومن هذه العادات: بعض الحركات اللاإرادية خاصة الوجه والرقبة وهز الرأس ومص الأصابع وقضم الأظافر وشد الشعر والجز على الأسنان.
وعن أسباب (مص الأصابع) والعلاج تقول الدكتورة زينب محمد منير -الأستاذ بقسم صحة الطفل بالمركز القومي للبحوث-: هذه العادة تكون في الأيام الأولى من ولادة الطفل ويمص فيها أصابع السبابة أو الإبهام أو أصبعين معًا في وقت من الأوقات, والبعض يمص إبهام قدمه, وقد يكون المص شديدًا فيُحدث تشققات, ويقل المص من سن سنتين لتصبح النسبة 1% عند سن 5 سنوات, وليس هناك شك في أن الطفل يستمتع بهذه العادة ويجد فيها نوعًا من التسلية الذاتية, وهي مسألة طبيعية في الشهور الأولى من العمر, وتزداد عند شعور الطفل بالجوع أو التعب أو النوم, وتصل هذه العادة إلى ذروتها ما بين الشهر الثامن عشر والحادي والعشرين وتصبح أكثر ترافقًا عند النوم وتقل هذه العادة بعد الثالثة من العمر ليكتفي الطفل بالمص عند النوم فقط, وتكمن الخطورة في استمرارها والإصرار عليها, فبعض الأطفال يستمر حتى سن الثانية عشرة أو الخامسة عشرة, ويؤدي مص الأصابع حتى هذه السن المتأخرة إلى تشوه الأسنان الأمامية وتباعدها, وقد تحتاج إلى علاج بالتقويم.
وتضيف الدكتورة زينب: إن مص الأصابع في هذه السن ما هو إلا عرض من أعراض الاضطراب النفسي يصاحبه قرض الأصابع والإغراق في أحلام اليقظة والسرحان والشعور بالاكتئاب. ويذهب الأطباء إلى أن استمرار هذه العادة, إنما يكون بسبب عدم إشباع حاجات الطفل النفسية وافتقاره إلى الحنان والعطف الذي يحصل عليه من التلامس الجسدي مع الأم والأب, وخاصة من أمه وقت الرضاعة بما يمثله هذا الموقف من أهمية على المستويين الفسيولوجي والنفسي, كما أن اللذة الفمية المصية, وهي مسألة طبعية في الطفولة المبكرة يُعزي استمرارها إلى تثبيت الطاقة اللبيدية عند هذه المرحلة, ويحدث هذا التثبيت نتيجة للحرمان الزائد أو الإشباع الزائد للحاجات والدوافع النفسية عند الطفل في هذه المرحلة,
ويترتب على التثبيت عند مرحلة معينة من مراحل, النمو النفسي للطفل النكوص إلى نفس المرحلة عند التعرض للمواقف الصعبة فيلجأ الراشد إلى مص الأصابع أو قضم الأظافر وغيرهما, ويرجع استمرار هذه العادة أحيانًا إلى عدم شعور الطفل بالأمان الداخلي والثقة بالنفس, ويكون ذلك إما بسبب كثرة المشاكل والخلافات الزوجية وإما التفرقة في المعاملة بين الأبناء أو سوء معاملة الطفل والقسوة في العقاب بما لا يتناسب مع حجم الخطأ, كما قد يكون بسبب إحساس الطفل بعدم قدرته على مواجهة بعض المشاكل لغياب الدعم الأسري أو الخوف من الفشل في الدراسة. كما يمكن أن نلاحظ بعض المشاكل النفسية التي تؤدي إلى عدم القدرة على التركيز, ويرجع ذلك غالبًا إلى سخرية الزملاء أو المدرسين من الطفل, مما يعوق تركيزه ويؤدي هذا إلى التأخر الدراسي. وغالبًا ما يكون هذا الطفل ميالاً للعزلة والانسحاب والخجل وشدة الحساسية وعدم القدرة على المحافظة على حقوقه.
ولعلاج هذه العادة السيئة تنصح الدكتورة زينب الآباء والأمهات في السنة الأولى من عمر الطفل بمحاولة إشباع حاجات الطفل النفسية والعاطفية وتبديل عادة مص الأصابع بالتيتنية إلى حتى يمكن التخلص منها عند السنة الأولى بالتدريج مع عدم اللجوء إلى استخدام العنف والضرب مع الطفل» فإن ذلك لا يؤدي إلى التوقف عن هذا السلوك, بل إن الوالدين ينقلان قلقهما البالغ إلى الطفل, وبالتالي يزداد توتره وإحساسه بانعدام الأمن فيزداد تعلقًا بلذة العادة التي تعطيه إشباعًا نفسيًا مؤقتًا وتحسين علاقة الطفل بوالديه وإخوته في الأسرة, ويجب أن نشير هنا إلى أن كل طفل له وسيلة لإشعاره بالحب والحنان والتفاهم والفهم التي قد تختلف بين الإخوة أنفسهم, مع ضرورة إعطاء الطفل الشعور بالأمان والاستقرار وإشعاره بأنه أنه محبوب ومرغوب فيه,
كما يجب أن نجعله يشعر بالانتماء للأسرة, فضلاً عن تنمية قدرة الأبناء على إظهار مشاعرهم وتبادل مشاعر الحب والمودة بين أفراد الأسرة, كما تنصح الأمهات بضرورة إشراك الطفل في اللعب والرياضة, سواء في المدرسة أو النادي أو ممارسة أي أنشطة مدرسية أخري حتى يشعر بأنه موضع اهتمام, مع تجنب إحراج الطفل أمام الأقارب والأصدقاء, بالإشارة إلى مشكلته في مص الأصابع حتى لا يشعر الطفل بالحرج.
وتختتم الدكتورة زينب بقولها: أهم نقطة في نجاح العلاج هي اقتناع الطفل نفسه بضرورة التخلص من هذه العادة, وهنا يكون من السهل مساعدته على التخلص منها.