الأحد 22 ديسمبر 2024 / 21-جمادى الآخرة-1446

خلجات في نفسي .



http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQdsBJ2T3qMcbwmzvM823r2xURwzLiXSArHe_AS6bdyyHTyjNTfXg
أ. عادل بن سعد الخوفي .

* فلسفة الحياة .

إن من المهمات التي يجب على كل مُوَحِّدٍ أن يفهمها : فلسفة الحياة . .

والمراد بفلسفة الحياة : ما الهدف الذي لأجله خلقني الله .

إن الطالب يجب أن يفهم هدفه من طلب العلم ، والعامل يجب أن يفهم هدفه من العمل ، والمتغرِّب عن أهله ودياره يجب أن يفهم هدفه من هذه الغربة . . والمسلم يجب أن يفهم الهدف من وجوده في الحياة .

وبالرجوع إلى كتاب الله الذي أنزله تبياناً لكل شيء ، نجد أنه بين بياناً شافياً الهدف من وجودنا في الحياة . . ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) ( الذريات : 56 ) إذن ليست الحكمة هي إدخال السرور على النفس ، ولا الفسحة، ولا الثقافة ، ولا الاطلاع ، ولا العلاقات ، ولا جمع المال ، ولا . . ولا . . ولا . . بل – وبل فقط -العبادة ، وكل قول أو فعل أو علاقة أو مسيرة أو اتجاه لا ينصب تحت بوتقة العبادة فهو مخالف لهدف وجودنا في الحياة ، وإذا حصلت المخالفة فستكون النتائج عكسية ومؤثرة جداً على العبد ؛ إذ أن الله هو الذي خلقنا ، وهو أدرى بما فيه صلاحنا وسعادتنا .

* متى نكون صادقين .

إن الكذب أو المواراة سِمَة من لا هدف لهم في الحياة ، إنَّ من الأهمية الكبرى لمن يرغب في الحياة الكريمة ، والسعادة الأبدية ، والرقي في منازل رضاء الله تعالى ، والبعد عن شطحات الشيطان . . من الأهمية بمكان أن يكون صادقاً في ثلاث حالات :

الأولى : في تعامله مع الله ؛ ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُـوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) ( الملك : 14 ) ؛ فالله أقرب إلى أحدنا من نفسه ، وهو يعلم ما يخفي وما يظهر ، وعليه فحين عبادة الله ، أو ارتكاب معصية ، أو الإقدام على الطاعة ، أو تخريج فعل معين ؛ يجب أن يكون الإنسان صادقاً ، وإلا فالله قادر على فضحِ الكاذب ، وبيان ما أبطنه من خلاف ما أظهره .

الثانية : حين خُلُوه بنفسه : فالصدق مطلب في هذه الحالة ، والمكاشفة لها وقعها وأهميتها ، ووضع النقاط على الحروف ديدن أصحاب العقول ؛ وإلا فسيكون الإنسان كالنعام ، تخفي رأسها في التراب ، وتُقْنِع نفسها أنه لا أحد يراها .

إن وقفات الإنسان مع نفسه ، لتدارس أعماله ، والخطوات التي اتخذها ، والطريق التي يسلكها ، والهدف منها ، وقناعته بصحة هذه المسالك ، وهل هي تُقَرِّب الإنسان من ربه العظيم ، وبعده عن طريق الشيطان ، وألا تجعله سبباً في غواية الآخرين ، أو تشجيعهم على المعاصي !!

إن الصدق مع النفس – وإن كان ذلك يؤدي إلى حرمانها من بعض ملذاتها – هو الطريق الأقوم للرقي الإيماني ، والسير في طريق الجنة ، والبعد عن المهاوي والمشكلات .

الثالثة : في تعامله مع الآخرين : فحبل الكذب قصير ، وإنه لمن الضروري أن يكون الصدق شعاري في علاقاتي ، ولا يضر أن يقال عني كذا أو كذا ، فإذا رضي الله عن المرء ، أرضى الله عنه خلقه ، وكُتِبَ له القبول في الأرض . وليحذر أحدنا أن يكون جسراً للآخرين إلى غضب الله ومقته بالتعاون معهم على الغيبة أو النميمة أو الدعوة للحرام .

إن الصدق نجاة في الدنيا والآخرة ، وعلامة سمو وتميز لمن جعله هاديه على الطريق .

* لا تكن مناخ من سبق .

لقد خَلَق الله الإنسان ، وميَّزه ، فكل واحد منا له بصمته الخاصة ، وفكره الخاص ، ورأيه الخاص ، ويتآلف الناس مع بعضهم متى توافقت أفكارهم وتوجهاتهم .

ولكن المشكلة العظمى إذا جَعَل المرء منا نفسه بدون بصمة خاصَّة ، فإذا أحسن الناسُ أحسن ، وإن أساءوا أساء ، ليس له صفة ومنهج واضح ، إذا اغتاب الناس اغتاب معهم ، وإن كذبوا كذب ، وإن تحدثوا بالحرام فهو معهم .

مناخُ مَنْ سَبَق ، يأتي يوم القيامة بوزرٍ عظيم لأمر لم يكن أصلاً فيه ، ولكنه ساير الركب ، لم يُصْلِح الآخرين ويمنعهم من الفساد ، وكذلك لم ينْجُ بنفسه من هذه الهَلَكة ، ورضي أن يطَّلع الله عليه وعلى جلسائه ممقتاً لفعلهم ، غاضباً عليهم .

إن المهلكة العظمى أن يكون المرء منا ضائعاً متردداً لا هدف له في الحياة ، ولا منهج له واضح ، يستوي عنده النار والنور ، والثرى والثريا ، والسماء والأرض .

إنَّ الرزيَّة كل الرزيَّة أن أجد غيري يأخذني إلى حيث غضب الله ومقته فأبقى مبتسماً مسروراً سعيداً متواصلاً مع أحاديثه ، وأنسى أنه : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ( ق ّ: 18 ) .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم