السبت 21 ديسمبر 2024 / 20-جمادى الآخرة-1446

جرأة بنات اليوم .. والحياء !



  جرأة بنات اليوم .. والحياء !

http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQHdhbpdb-nj8i2otIVH8MEW3TYH1F_IWaZH0kxaZ3A0GapasC6-Q

 أ. مروة حمزة .
جرأة الكثير من بنات اليوم وصلت إلى حدود لم يكن يتخيلها أحد؛ فعلى الرغم من عاداتنا الشرقية، وتقاليدنا المحافظة، وتعاليم ديننا الحنيف، إلاّ أن هذا العصر اتسم بالغرابة في كل شيء، فما يطلق عليه البعض “التَّحَرُّر”، هو في حقيقته مجرد تسيب أخلاقي، أدى إلى اختفاء “الحياء” من قاموس وأخلاقيات الكثير من الفتيات.

هذا التسيب شمل البنات والأولاد على حد سواء، لكننا في هذا التحقيق سنتناول الشق المتعلق بـ “حياء الفتاة”، وأين ذهب؟ وهل التحرر معناه أن تتحدث الفتاة بشكل غير لائق مع أبويها؟!.. وأن تصاحب الشباب وتحدثهم عبر الهاتف، وأن تجالسهم في الأماكن العامة والخاصة؟! وأن تبقى خارج المنزل حتى ساعة متأخرة من الليل؟!.. وأن ترتدي ما يُبْرِزُ مفاتنها، وأن تعلي صوتها بالضحكات ؟!.. وأن تدخن الشيشة والسيجارة في المقاهي؟!

البيت هو الأساس

جرأة فتيات اليوم يرجعها د.سيد عبد الكريم -المتخصص في علم النفس الاجتماعي- إلى عدة أسباب، أولها: “التربية والنشأة”، فمَنْ شب على شيء شاب عليه، والبيت الذي تربت فيه الفتاة هو الأساس الذي يشكل أخلاقها وهويتها، وثاني الأسباب وراء ضياع حياء الفتاة هو: “الاختلاط”، وكثرة احتكاك الفتاة بالفتى في المجالات المختلفة، بدءًا بالمدرسة، فالجامعة، ثم العمل بعد ذلك. وهناك أيضاً: “التأثير الخارجي” الناتج عن مخالطة مَنْ قَلَّ حياؤهم، أو تكررت رؤيتهم، أي الصحبة الفاسدة، فإن الأخلاق حَسَنَهَا وسَيِّئَهَا يُكْتَسَبُ بالمخالطة.

ويلفت د. عبد الكريم إلى أن “الحياء” خُلُق، وهو نوعان: غريزي ومكتسب، والحياء الغريزي هو الفطري الطبيعي، أما الحياء المكتسب، فهو الذي جعله الله تعالى من الإيمان، وهو المُكَلَّفُ به، ومَنْ كان فيه غريزة من الحياء فإنها تعينه على الحياء المكتسب.

شهود عيان

و على الرغم من أن الأمهات تُعدّ بنظر البعض المتهم الأول المسؤول عن ضياع حياء الفتيات، بحكم مسئوليتهن عن التنشئة داخل الأسرة، إلاّ أن آراء الأمهات اللائي استطلعت شبكة (الإسلام اليوم) آراءهن حول الموضوع جاءت رافضة بشدة لهذه الظاهرة، فتقول “الحاجة فاطمة عبد الرحمن” – داعية في إحدى المساجد، وهي أم لولدين وبنتين-: للأسف في أيامنا هذه الكثير من الفتيات يجارين الموضة، وذلك أكثر من التزامهن بشرع الله!”.

وتضيف: حتى الأمور الأساسية المفروضة على المسلم منذ صِغَرِ سِنِّه، كالصلاة والصيام، قد يُهْمِلْنَ أداءها بإخلاص وخشوع، وأصبحن يلهثن وراء الموضة الغريبة، واللبس المنافي لديننا الإسلامي، ولا يعرفن أبسط قواعد الإسلام؛ مثل طريقة التحدث إلى آبائهم، والتعامل مع الآخرين، وقواعد الوضوء وأحكام الطهارة، وغير ذلك من الأمور الشرعية الضرورية، وذلك لأن فتاة اليوم أصبحت مشغولةً طول الوقت بآخر موضة في اللبس، وآخر صيحة في الحجاب، وأصبح الكثير من الفتيات يترددن بشكل دائم على الأسواق التجارية والسينما، بينما لا يعرفن طريق المسجد”.

حياء مفقود

وتوافقها الرأي – السيدة سلمى شاكر- وهي أمٌّ لثلاثِ بنات، وتبدأ كلامها بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا لم تستحِ فاصنع ما شئتَ”، وتقول: لو علمتْ كل فتاة معنى هذا الحديث لتمسكتْ بخلقها وحيائها، فهذا الحديث فيه تهديد شديد- حسب تفسير من تفسيراته- والذي يذهب إلى أن معنى الحديث هو أنه: إذا نُزِعَ منك الحياء فافعل ما شئت, فإن الله مجازيك عليه، وفيه إشارة إلى تعظيم أمر الحياء.

وتضيف: اليوم للأسف يتحدث كثير من الفتيات بطريقة غير لائقة مع آبائهن، في حين عندما كنت في سن العاشرة كنت أستحي من أبي وأخي، ولا أجلس أمامهم بلبس مكشوف، ولا أتحدث إلاّ بصوت منخفض، ولا أتدخل في موضوع يتحدث فيه الكبار، لكن للأسف، فإن هذه الأخلاقيات لم تعد موجودة.

وترجع السيدة سلمى اختفاء ذلك إلى “التلفاز والفضائيات التي جرّأت الفتاة على التحدث في أي موضوع، حتى لو لم يُطْلَبْ رأيها فيه، تحت دعوى حرية التعبير، هذا غير العري والخلاعة التي تَظْهَرُ بها المذيعات والممثلات، والتي جرّأت الفتيات على تقليدهن، فأصبحن يرتدين ملابس غير لائقة، ويتكلمن بطريقة ليس فيها احترام للكبار.

دعوة لنشر الحياء

علاج هذا الوضع غير المقبول، يحتاج – بحسب أ.حسنة شاكر اختصاصية علم النفس- إلى مساندة الأسرة، وأهل العلم، والمدرسين في المدارس، والأساتذة في الجامعات؛ لنشر الدعوة إلى الحياء.

وتضيف: علينا جميعًا ضرورة مواجهة ظاهرة الانهيار الأخلاقي، واختفاء خلق “الحياء” من الشارع العربي والمدارس والجامعات، لافتةً إلى أن الكثير من الفتيات يُقَلِّدْن بعض الممثلات والمذيعات اللائي يظهرن بشكل سافر على الفضائيات العربية، مما يدعو إلى الفجور، الأمر الذي يستوجب إطلاق حملة مضادة تدعو إلى الحياء.

وتؤكد أ. حسنة شاكر أن المدرسة- إلى جانب الأسرة طبعًا- تتحمل دوراً مهماً في توجيه الفتيات، مشيرةً إلى أنها تقدمت لوزارة التربية والتعليم بمشروع تشرف عليه مرشدات واختصاصيات لهن خبرة في التعامل مع الفتيات، خاصةً في جيل المراهقة وما فوق ذلك كالجامعيات، وذلك بهدف إعداد قائدات ناجحات يكن على دين وعلم وخلق وصلاح.

وأوضحت أن خطة المشروع تعتمد على ثلاثة أركان: (الإيمان، التربية، تطوير الذات) من خلال المشاريع التطوعية، والنشاطات الخارجية، ويمكن تطبيق هذه الأفكار ودمجها بعد مُدَّةٍ معينة، مع المنهج التربوي المعتمد في المدارس.

الحياء من الإيمان

ويشير الداعية المصري “عمرو خالد ” إلى أن كلمة الحياء مُشْتَقَّةٌ من الحياة، وقد عرفه علماء الشريعة بأنه خُلُقٌ يبعث على ترك القبيح، أو هو الامتناع عن فعل ما يُعاب.

وأرجع قلة الحياء عند بعض فتيات اليوم إلى ضَعْفِ الإيمان، والجهل بمعنى الحياء، ناصحًا كل فتاة بضرورة قراءة النصوص القرآنية وفهمها، لاسيما قوله تعالى في سورة القصص: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ)، فلو تخيلنا كيف كانت مشية الفتاة حين تلقى الرجال- “على استحياء”- في غير ما تبذّل، ولا تبرّج، ولا إغواء، جاءته لتنقل إليه دعوةً في أقصر لفظ، ويحكيه القرآن بقوله: (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا).

ويوضح الداعية “عمرو خالد” أن الأحاديث النبوية أيضاً تؤكد على أن خلق الحياء من الإيمان، وذلك في روايات كثيرة منها: “الإيمان بِضْعٌ وسَبْعُون شُعْبَةً، والحياءُ شُعْبَةٌ من الإيمان”، وكذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “الحياءُ من الإيمان، والإيمانُ في الجنة”، وقوله: “الحياءُ لا يأتي إلاّ بخير”.

 

الحياء في بيت النبوة الطاهر

وكي لا نترك القارئ مع هذه الانطباعات السلبية عن بناتنا وأخواتنا اللواتي نتمنى ونرجو لهن الهداية، نذكّر بأن هناك فتيات تجملن بالحياء، وتزيّن بحسن الخلق، واقتدين بمن تربّين في بيت النبوة الشريف، والتزمن بدينهن التزاماً صادقاً جعل منهن مثلاً يشار إليه بالبنان حشمة وعفة وحياء..

ونهدي إلى بناتنا وأخواتنا هذه الصور المضيئة من الحياء في بيت النبوة الطاهر؛ ليقتدين بسيرة أمهات المؤمنين اللواتي تربين ونشأن في بيت نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي كان أشد حياء من العذراء في خدرها.. فهذه فاطمة بنت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. سيدة نساء أهل الجنة تستحيي أن تُحمل على أكتاف الرجال إذا ماتت وقد طُرح عليها ثوب يصف جسمها، فتهمس لأسماء بنت عميس(زوجة أبي بكر) قائلة: إني أستقبح ما يُصنع بالنساء يُطرح على المرأة الثوب )يعني عند موتها) فيصفها.

لقد أهمها هذا الأمر وشغل بالها، تريد أن ترافقها فضيلة الحشمة والستر حتى بعد موتها!! حينها بشّرتها أسماء بطريقة تستر بها جسدها الطاهر بعد موتها فقالت: يا ابنة رسول الله، ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوباً . فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله!! إذا مت فغسليني أنت وعليّ، ولا يدخُلنّ أحدٌ عليّ .

فلما توفيت جاءت عائشة لتدخل فقالت أسماء: لا تدخلي . فشكت إلى أبي بكر، فجاء فوقف على الباب فكلّم أسماء. فقالت: هي أمرتني. قال: فاصنعي ما أمرتك ثم انصرف .

“ولا عجب في هذا الحياء، وتلك الحشمة فهي من تربت في بيت الطهر، الذي لم تغب نسائم الحياء عن أرجائه، ولم تكسف شموس الفضيلة في أنحائه، فأصرت على أن يبقى الجسد مستوراً، وآثرت أن يظل مصوناً من أعين الرجال ولو بعد الرحيل” !!

وكانت أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ تدخل بيتها الذي دُفن فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ ولا تجد حرجاً من خلع ثيابها وخمارها مع وجود قبر زوجها وقبر أبيها في جانب البيت وتقول : إنما هو زوجي وأبي، ولكن منذ أن دُفن عمر ـ رضي الله عنه ـ بجانب صاحبيه استحت من خلع ثيابها وقالت: فلما دُفن عمر معهم فو الله ما دخلت إلاّ وأنا مشدودة عليّ ثيابي حياء من عمر رضي الله عنه.. استحت أن تخلع ثيابها قرب رجل (ميت!!) غريب عنها !!

____________________

المصدر : موقع الإسلام اليوم .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم