الليبرليون الجدد .. وطرق إفسادهم للمرأة
الشيخ عبد الله بن راضي المعيدي.
الحمد لله …
عندما يشاهد المرء ما يطرحه الليبراليون ومن دار في فلكهم من قضايا كثيرة في هذه الآونة الأخيرة .. يجد تأثُّرَ كثيرٍ من الناس بكثرةِ هذه المطارحات والمجادلات … وذلك من خلالِ المطارحات المتكرّرة عبرَ وسائلَ متعدّدة ..
كالفضائيات المرئية أو الصحافة المقروءة أو الإذاعة المسموعة أو عبرَ منتدياتٍ وندوات نشيطةٍ في هذا المجال ..
والمشكلة هنا ليس في كثرة الطرح والنقاش وتعدد الآراء فهذا يبقى ظاهرة صحية ..
ولكن المشكلة والتي لا ينتبه لها كثير من الناس بعامة والمثقفون خاصة..تكمن في أمرين :
وهذه محاولة لرصد بعض مناهجهم في طرح هذه القضايا والأمثلة على ذلك ..
أولاً : الاعتداء على ثوابت الدين .. ونقد العلماء ..
من العجب أن كثيراً من هذه المطارحات المتكرّرة هي متعلقة بأصول الدين ومسلَّماته .. ومع وجود كثير من قضايا المجتمع وحاجة الناس لمناقشتها إلا أنهم لا يلتفتون لها !!
وإن تعجَب فعجبٌ ما يظنّه أصحابُ تلك المطارحات مِن أنهم أتَوا للأمة بما لم يأتِ به الأوّلون .. وأنهم بذلك قد فاقوا السلفَ الكرام .. اغترارًا بما رأَوه من حركةٍ إعلامية تنشِّط مثل هذه المجادلات والمحاورات .. ولهذا نجدهم يسفهون العلماء وأنهم لا يفقهون وهنا يكمن الخطر ..
والجرأة على نقد النصوص الشرعية ومن ثم نقد العلماء بل والاستهزاء بهم ؟!! ظاهرةٌ خطيرة !!
حتى صار الاستهزاء بأهل العلم منهجاُ لكثير من الكتاب .. وإذا أردت أن تعرف حجم ذلك فحاول أن تقلّب أحد الجرائد لتجد أنواعاً وألواناً من السخرية والاستهزاء وبمن ؟! .. بكبار العلماء .. ( حتى وصل الأمر بأحد الكتاب أن يشبه أحد العلماء بالوعل ؟!! ).. إي جرأة هذه ؟!! بل إي وقاحة ؟!
فبعد هذه القرون المتطاولة التي نَعِمَ فيها أهل هذه البلاد بصفاء العقيدة ووحدة المنهج وائتلاف القلوب مع الأخذ بما ينفعُ من مظاهر الحياة المدنية؟! يأتي هؤلاء ليهدموا كل ذلك ..
ومن يكن الغرابُ له دليلاً يمرُ به على جيفِ الكلابِ
فلا فرق في الحوارِ والرأي عندهم بين عالمٍ وجاهلٍ .. ولا بين فضيلة ورذيلة .. بلْ ولا بين ديانة وزندقة فيجبُ أن تتخلى البلاد عن محاكمها وهيئاتها وحجاب نسائِها ليتحقق الإصلاحُ الذي يريدونَ !!!
إنهم يسفّهون ويجهلون ملوكَنا وعلماءَنا السابقين الذين وضعوا ثوابت هذه البلادِ المستمدةَ من الشريعةِ ؟!!
والمشكلة الكبرى أن بعضنا يرددُ عباراتِهم ببلاهةٍ فيسمونها بغيرِ اسمِها : “الإصلاحُ”، أي إصلاحٍ فيمن يهدمُ أسسَ المجتمعِ وثوابتَه وعقيدتَه؟!
وهاهنا أمر يجب التنبه له ..
وهو أن هؤلاء سواء بقصد أو بدونه إنما يهدمون المجتمع .. بل ويزعزعون الأمن ..
فهل يعقل هذا الأمر بعضُ المعتزلة ( العقلانيون ) الجدد من أَصحاب الأقلامِ الصحفية في مثل هذه الأيام ؟!
فهم مع أنهم يدّعون الحرص على الوطن إلا أنهم في الحقيقة يهدمون الأُسس الراسخة التي قام عليها هذا الوطنُ والتي جاهد في سبيلها ملوك هذه البلاد .. وجاهد من أجلها الآباء وقبلهم الأجداد حتى ماتوا .. ونشأ عليها الأبناء وبعدهم الأحفاد ..
أنهم بسخرُيتهم بأهل العلم .. وتلاعبهم بثوابت الدين والحكم وخيار الأمة .. يشتتون المجتمع .. ويفرقون الصف .. ويجرون الناس على الانسلاخ من الدين .. وينشرون الفاحشة والمنكر !!
وبهذا تقع الفتنة .. ويختل الأمن ..
وهنا حقيقة مهمة لا تتغيير ..
وهي أنه لا أمن إلا بجماعة ودين .. ولا جماعة إلا بوجود إمام يحترم ويطاع .. وهؤلاء يخالفون الإمام وينشرون الفساد ..
وثمة حقيقة أخرى :… وهي : هلَ حاربَ هؤلاء الإرهابَ حقًا ؟!
إذًا لماذا لم يخترْ ولاةُ الأمرِ صحفيًا واحدًا من هؤلاءِ لمناصحةِ المنحرفينَ ؟!
والمصيبة أن هؤلاء وبطرحهم المنحرف .. ودعوتهم للفساد هم سببٌ في إنحراف بعض الشباب الذين لا علم عندهم ..
” إن كلَّ من شاركَ من طلبةِ العلمِ ـ وأنا واحد منهم ـ في مناصحةِ هؤلاءِ الشبابِ في السجونِ يعرفُ جيدًا أن من أسباب الغلو لديهم – إي الشباب – ما يقرؤُه هؤلاءِ الشبابُ بأقلامِ هؤلاءِ الصحفيينَ الذينَ يمشونَ في جنازةِ مَن قتلوه ليتاجروا في جثتهِ،
فباللهِ عليكم هل يطيقُ مسلمٌ أن يطعنَ كاتبٌ بحديث نبيِهِ صلى الله عليه وسلم عنْ المرأةِ فيسميه ثقافةَ التشدّدِ، أو يقترحَ آخرُ بدلَ تغسيلِ وتكفينِ الميتِ المسلمِ أن يوضعَ في كيسٍ ويرمى كما ترمى الزّبائلُ،
أو يدعوَ ثالثٌ المجتمعَ للتخلّصِ من قلبِهِ الذي يحيا به ورئتِهِ التي يتنفسُ بها وكرامتِهِ التي يطاولُ بها السحابِ حين يدعو للتخلي عن السلفيةِ أو الوهابيةِ التقليديةِ كما يلمزونَ لأنها سببُ مشاكلِ البلدِ عندَهمْ؟! مع أننا في هذه البقعةِ في العصورِ المتأخرةِ لم نشعرْ بكرامةٍ ولم يكنْ لنَا شأنٌ إلا بهذِهِ الدعوةِ وبهذا الكيانِ، واقرؤوا التأريخَ المعاصرَ لو كنتم تعقلونَ ” .
ثم يكمل فيقول لهؤلاء :
لقد أَثَرتم الغيرةَ والحقدَ والغضبَ عند هؤلاء الشبابِ فسهّلتم صيدَهم من قبلِ منظّري الفكرِ الضالِ، وإني فيمَا أعتقدُ لو كانَ الملكُ عبدُ العزيزِ رحمه اللهُ حيًا لوضَعكم في السجنِ المقابلِ لهؤلاءِ المنحرفينَ لمناصحتِكم وردِّكم عما أنتمْ عليه من انحرافٍ وضلالٍ،
كيف لا وهو القائلُ رحمه اللهُ كما في كتابِ الملك الراشد (ص362) لعبد المنعم الغلامي: “أنا عندي أمرانِ لا أتهاونُ في شيءٍ منهما ولا أتوانى في القضاءِ على من يحاولُ النيلَ منهما ولو بشعرةٍ،
الأول: كلمة التوحيدِ لا إله إلا الله محمد رسول اللهِ اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه، إني واللهِ وباللهِ وتاللهِ أقدّمُ دمي ودمَ أولادي وكلِّ آلِ سعودٍ فداءً لهذه الكلمةِ لا أضنُّ به” اهـ، وهو القائل رحمه الله (ص369): “يسموننا بالوهابيّينَ ويسمونَ مذهبَنا بالوهابي باعتبارِ أنه مذهبٌ خاصٌ، وهذا خطأٌ فاحشٌ نشأَ عن الدعاياتِ الكاذبةِ التي كان يبثُّها أهلُ الأغراضِ.
نحن لسنا أصحاب مذهب جديدٍ وعقيدةٍ جديدِةٍ، فعقيدتُنا هي عقيدةُ السلفِ الصالحِ، هذه هي العقيدةُ التي قامَ شيخُ الإسلامِ محمدُ بنُ عبد الوهابِ يدعو إليها، وهذه هي عقيدتُنا، وهي عقيدةٌ مبنيةٌ على توحيدِ اللهِ عز وجل خالصةٌ من كلّ شائبةٍ منزّهةٌ عن كل بدعةٍ” اهـ.
فماذا يريد هؤلاء ؟!!
ثانياً : تأويل النصوص الشرعية ..
وفي الحقيقة إنما أُتي هؤلاء الذين يُدلون بهذا الطَّرح من خِلال الإعجابِ بطريقتهم .. حيث ظنّوا أنها خيرٌ من طريقة .. يضاف إلى هذا إعجابهم بالغرب وطريقته ..
وقد سبقهم لهذا الفرق الكلامية التي انشقت عن الجماعة وخالفت هدي السلف .
ثالثاً : استخدام مصطلح ( تحرير المرأة ) .. والخلاف بين العلماء ؟!!
إذ أن غايتهم ليست ( التحرير ) .. بل غايتهم ( الاستعباد ) !!
فالمرأة المسلمة لم تكن مستعبدة لغير خالقها .. فمن إي شيء يريدون تحريرها ؟!!
إنهم يريدون تحريرها من تمسكها بدينها .. والتزامها بحجابها .. حتى تكون سلعة رخيصة ينظرون لها متى شاءوا .. ويتمنعون بجسدها متى شاءوا .. فهذه هي الحقيقة التي يسعون للوصول إليها ..
ولهذا فمن العلامة البارزة لليبرالية هي : ( الحرية الإباحية ) .. والانغماس في الملذات ..
وإذا تأملت حال كثير ممن يسلك هذا المنهج وجدتهم منغمسون في الملذات الشهوات المحرمة .. وهذا الكلام ليس غريباً على أحد .. ولا يعتبر جديداً ..
ولكن الخوف هنا ليس من عدم معرفة هذه الحقيقة .. بل الخوف هو من اغترار كثير ممن تأثر بطرح الليبراليون وتأثر بمنهجهم ..
وذلك أنهم يظهرون في البداية أن قصدهم نفع المرأة .. وتوسيع دورها في المجتمع .. ومحاربة المتشددين ( العلماء والمصلحين .. بل حتى من يحارب أفكارهم من ولاة الأمر ) ..
والأخطر أنهم يحاولون أن يبنون أنهم لا يدعون إلى سفور المرأة وتبرجها ومخالطتها للرجال .. وإنما هم فقط يريدون تحريرها من الفهم السيئ للشريعة من قبل الجهلة والمتشددين ؟!!
ولهذا فهم يدخلون من باب الخلاف .. فكشف وجه المرأة فيه خلاف .. ومخالطتها للرجال فيها خلاف .. وسفرها لوحدها فيها خلاف وهكذا …..
وربما استخدموا بعض المتطفلين على العلم لترويج هذه الأفكار ؟؟؟
وانظر للإعلام كيف يصدر من هذه طريقته ومنهجه والواقع شاهدٌ بذلك ..
والحديث مع هؤلاء قد يكون عقيماً .. لأنهم أصحاب هوى .. ومن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في اللذين أمنوا ..
ولكن الحديث يوجه إلى أولئك الذين نحسبهم ممن حسن قصدهم .. وربما أختلف الواحد معهم في مسألة فقهية .. فهؤلاء لا تثريب عليهم ..
ولكن الخوف هنا أن يسعى الواحد – مع حسن القصد وعدم حب الفساد – إلى أن يحارب مظاهر التشدد وعدم الانفتاح .. فيسلك طريقاً مهجناً من طريقة الليبراليين والإسلاميين ..
ونحن نقول للإخوة الذين يعلمون من أنفسهم حب الخير وكره الفساد ..
ومن تأمل في واقع المرأة في مصر وكيف أصبح..عرف خطورة مثل هذه المسالك والمناهج ..
ومن هنا نعرف لماذا يهتم الغرب الكافر وأذنابه بمن يحمل هذا الفكر ؟
ولهذا نجد أن هؤلاء الليبراليون لا يتورعون عن الاستعانة بالغرب الكافر على بلاد المسلمين .. وهم لا يجدون حرجاً من الاستعانة بالقوى الخارجية لإفساد البلاد والخروج على ولاة الأمر وزعزعة الأمن إذا كان ذلك حقق لهم مقصدهم ..
وكم كشف لنا الواقع من يتردد على السفارات الغربية !!
وانظر كيف يحرص هؤلاء على دعوة الكفار من رجال ونساء للحديث عن شأن يتعلق بالمسلمين وبلادهم ..
[ ولمعرفة طرق ترويج هذا الفكر فليراجع : كتاب حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها ص ( 450) ]