جميعنا مررنا بمرحلة المراهقة ؛ بعضنا كانت مراهقته هادئة وآخرون كانت مراهقتهم صاخبة مليئة بالمشاكل والصعوبات وقادت إلى خلافات مع الأهل و الأصدقاء.
الآن نحن الذين في سنٍ متقدمة لدينا أبناء وبنات مراهقات نعيش بعض القلق والخوف بسبب سلوكيات اولادنا المراهقين ؛ بنين وبنات.
نحن قلقون ماذا يفعل اولادنا المراهقون الذكور حين يخرجون بعد وقت المدرسة، أو عندما يسهرون مع أصدقائهم وزملائهم خلال أمسيات عطلة الأسبوع أو في أيام العطل الرسمية . نتساءل ماذا يفعل اولادنا المراهقون عندما يذهبون مع زملاءٍ لهم واصدقاء إلى بعض البلدان القريبة؟.
نتساءل دوماً ، هل يُدخّن أولادنا ؟ هل يشربون الكحول ؟ هل يتعاطون بعض المخدرات الممنوعة ، مثل الحشيش أو الحبوب المنشطة ، مثل الكبتاجون؟
هذه الأسئلة تطارد أهل المراهقين الأولاد ، لأن الأولاد عادة ما تكون فترة مراهقتهم في مجتمعاتنا أكثر صعوبة من مراهقة البنات ، لأن الأولاد حين تبدأ فترة المراهقة عندهم يبدأون في الخروج عن دائرة العائلة الصغيرة – الأم والأب والأخوة – ويُصبح ارتباطهم أكبر مع زملائهم واصدقائهم خارج نطاق العائلة أو الأقارب.
معظم الأولاد المراهقين لديهم صداقات من المدرسة أو من الجيران أو اصدقاء زملائهم في المدرسة ، وهم في هذه المرحلة من العمر يبدأون في الخروج كثيراً من المنزل ، ويميلون إلى تمضية وقتهم خارج المنزل مع أصدقاء جدد ، كثيراً لا يعرفهم الأهل ، وهذا أحد مسببات القلق عند أهل المراهقين.
المراهقة قد تكون مرحلة ولادة آخرى ؛ ففي الولادة الأولى ينفصل الطفل عن أمه بعد قطع الحبل السري ، ويخرج إلى العالم باكياً ، يُعلن وصوله إلى هذه الدنيا بتلك الصيحات.
لكن فترة الطفولة تكون مرحلة جميلة بالنسبة للأهل ففي البدء يكون الرضيع كلُعبةٍ نتسلى بها وتُسعدنا ، حتى وإن كان أحياناً يُصاب بالحُمى و بعض الأمراض التي تصيب الأطفال الصغار ، إلا أنهم يظلون مصدر سعادة لكل الأسرة ؛ بدءا من الأم والأب ومروراً بالأخوة والأخوات وحتى الأقارب والأصدقاء.
ولكن بعد سنوات حين يبلغ الطفل مرحلة المراهقة ، تبدأ مرحلة آخرى من تبدّل العلاقة بين المراهق وأهله ، حيث يبدأ بالانفصال العاطفي والجغرافي ؛ حيث يبدأ في الخروج بكثرة من المنزل وكذلك تُصبح علاقاته العاطفية سرّا عن الأهل – إلا إذا كانت العلاقة بين الأبن وأحد والديه قوية فتكون المصارحة الحقيقية بينهما – ويبدأ المراهق في الدخول في علاقات صداقة يعتقد بأنها قوية وفي هذه المرحلة من العمر تبدأ شخصية المراهق في التبلور والظهور ، حيث يميل إلى من يتشابهون معه في الفكر أو من يُؤثرون عليه في التفكير ،
وهنا قد تحدث تغيّرات كبيرة في تفكير المراهق وسلوكياته ، تبعاً لمن يؤثرون في تفكيره وبالتالي ينعكس هذا على سلوكياته التي قد تتسم أحياناً بالعنف أو الخنوع والانعزال ، وقد يتأثر مستواه الدراسي سلباً أو إيجاباً ، كيفما سلك في مجاراة زملائه وأصدقائه الذين يرتبط بهم.
التغيرات الفسيولوجية التي تظهر على المراهق ؛ مثل خشونة الصوت وظهور الشعر على الجسم ، وبداية ظهور شعر الشارب واللحية ، التي قد يقوم بعض المراهقين بحلاقتها بكثرة رغبةً في أن تنبت بسرعة.
هذه التغيرات الفسيولوجية التي تُرافق مرحلة المراهقة قد تجعله يشعر بأنه أصبح رجلاً ، وهذا قد يقوده إلى العناد وعدم الانصياع لنصائح الوالدين أو الأخوة الأكبر سناً ، ويعتبر نفسه رجلاً ناضجاً.
بعض المراهقين قد يرتكبون حماقات بدافع إثبات أنهم أصبحوا رجالاً، مثل اختلاق المشاكل مع الآخرين والدخول في عراك بالأيدي وربما ببعض الأدوات الحديدية القاطعة ، وهذا قد يقوده إلى مشاكل مع القانون ( الشرطه وربما المحاكم ).
المراهقة قد تكون صعبة على الأهل الذين لا يعرفون كيف يتعاملون مع المراهق المتمرد ، وهذا يوقعهم في حيرة كبيرة والخوف الشديد من أن يفقدوا ابنهم لزملائه في المدرسة أو أصدقاء جدد لا يعرف الأهل عنهم أي معلومات!.
المراهق قد يقوم بتجربة أشياء جديدة لمجرد الاكتشاف مثل التدخين ولكن قد يتعّلق المراهق بالتدخين وبذلك يكون قد ارتكب خطأ كبيرا بإدمانه على التدخين بعد أن كان مجرد تجربة تحوّل الأمر إلى إدمان مادة من اخطر المواد تأثيراً على الصحة وتقتل سنوياً ملايين البشر من الذين يُدخنون.
كيف يتعامل الأهل مع المراهق بوجهٍ عام؟
الأمر ليس بهذه السهولة.. فالتعامل مع المراهق يحتاج إلى الصبر وايضاً الحزم في بعض الحالات ولكن يجب الابتعاد عن الصدام الحاد مع المراهق لأن ذلك قد يجعله يلجأ لأشخاص خارج نطاق الأسرة ، وقد يكون هذا الاختيار خطأ قاتلا ، إذا ما التحق هذا المراهق بمعتنقي أفكار إرهابية دينية أو مدمني مخدرات!.
كم من فتى كان يسير في طريقٍ سديد ، ونتيجة خطأ في التعامل معه من الأهل فقده الأهل لمدمني المخدرات أو معتنقي الأفكار الضالة الإرهابية. يجب على الأهل التعامل بحذر مع المراهق ، بتقدير أنه لم يعد طفلاً والتعامل معه بالحوار دون فقدان السيطرة على الأعصاب من جرّاء بعض الكلمات التي يقولها ولا يقُدّر معناها بشكلٍ جيد .
الاباء قد يفقدون السيطرة ويلجأون للعنف مع أبنائهم المراهقين وهذا خطأ يقع فيه الكثير من الاباء مع أبنائهم المراهقين ، وقد تكون نتيجته سلبية وأحياناً كارثية على حياة المراهق.
الاحتواء والحوار الهادئ والصبر على صراخهم وبعض سلوكياتهم المزعجة والتي تجعل الوالد أو الوالدة يفقد أعصابه ويلجأ لتصرفات خاطئة مع المراهق. يجب على الأهل الاستعداد لمرحلة المراهقة عند الشاب ، ومعرفة أنها مرحلة صعبة يُريد الشاب فيها أن ينفصل عن عائلته بشكلٍ معينّ ومحدّد ليختبر العالم خارج نطاق توجيه اسرته وعائلته الكبيرة الممتدة.
إن الكلام سهل لكن التطبيق هو الصعب فعلياً ، فكلنا – العاملون في الصحة النفسية والتربية – ننصح الناس بفعل هذه الأمور ولكن لا نستطيع اتباعها في بيوتنا. إن من السهل أن تقول لأهل المراهق عليكم بالصبر والحوار مع ابنكم ولكن نحن لا نستطيع فعل ذلك ، أقول هذا لأن هذا الأمر فيه الكثير من الصعوبة عند التطبيق!.
ماذا عن الفتاة المراهقة في مجتمعنا؟
ربما كان في السابق أمر الفتاة المراهقة في مجتمعنا أفضل بكثير من وضع الولد المراهق ، نظراً لأن الفتاة تكون مقيّدة الحرية إلى حدٍ ما ، وتكون تحت أنظار والدتها بشكلٍ كبير ، الآن الأمر لم يعد كما السابق ، فقد غيّرت التقنية الحديثة حياة الفتاة المراهقة في مجتمعنا مما صعّب على الأهل المراقبة المحكمة التي كانت الأسرة تتمتع بها في السابق ،
فالهاتف المحمول والبلاك بيري والشبكة العنكبوتية جعلت الأسرة لا تستطيع التحكّم التام في حياة المراهقة مع كل هذه التغيرات التقنية في المجتمع والتي جعلت من الفتاة تستطيع الاتصال بمن تشاء وقتما تشاء عن طريق الشبكة العنكبوتية أو البلاك بيري أو الهاتف المحمول ،
وكما لهذه التقنيات ايجابيات كثيرة فإن لها أيضاً سلبيات كثيرة من خلال الاستعمال الخاطئ من قِبل بعض الفتيات المراهقات والتي قادت بعضهن إلى مشاكل أخلاقية كنّا في غنى عنها بسبب الجهل وقلة الخبرة في الحياة.
وقد قرأنا في الصحف عن بعض ضعاف النفوس والذين استغلوا براءة بعض الفتيات وربما سذاجتهن وأوقعوهن في مشاكل وحاولوا استغلال هذه التقنيات في أعمالٍ خبيثة بواسطة هذه التقنيات الحديثة.
الآن في هذا الوقت الحاضر وبوجود هذه التقنيات الحديثة ، من الحكمة تعليم الفتاة عن خطورة التعامل مع هذه التقنيات الحديثة وعدم التساهل في الدخول إلى معترك التعامل مع الغرباء وعدم إحسان الظن في الآخرين لأن التعامل مع الغرباء بحسن ظن قد يقود إلى مشاكل معقّدة للفتاة المراهقة ، قليلة الخبرة في الحياة.
ما قلناه عن الفتى ينطبق على الفتاة المراهقة ، فالاحتواء والحوار وتذكيرهن بخطورة اللعب بالتقنيات الحديثة مع الغرباء وأن تكون صريحة مع والدتها أو أخواتها وربما والدها أو أشقائها عما تفعل وبمن تتصل بالشبكة العنكبوتيه أو الهاتف المحمول والبلاك بيري.
يجب على الأهل الأخذ بعين الاعتبار ما قد ينتج عن ترك الفتاة المراهقة تتصرف بهذه التقنيات الحديثة دون توعية وايضاً مراقبة ، لأن الفتاة المراهقة قد تقع في الخطأ عن حُسن نية وليس لأنها فتاة سيئة.
يجب على الأهل التعامل مع الفتي والفتاة في سن المراهقة بصورة مختلفة عن مرحلة الطفولة وأيضاً عدم معاملتهم كأنهم أشخاص ناضجون. إن المراهق والمراهقة يمرون خلال هذه الفترة بمرحلة تغّير من ناحية نفسية وفسيولوجية و يحتاج هذا الأمر إلى تعامل خاص حتى يتعدى الفتى والفتاة هذه المرحلة الصعبة.
_____________
المصدر : صحيفة الرياض